تستمر جرائم القتل في التتابع ، ومع تتابعها تبلدت القلوب والمسامع من فرط اعتيادهم هذه الوقائع، فبات الأمر كشربة الماء، أو ربما كتتابع فصول السنة، رتيبة معتادة، هنا في إحدى قرى بني سويف تستمر الجرائم بالحدوث ولا نسمع لها صوتًا، بالأخص في قرية منشأة الشركة ألنجد الطفل محمد أحمد سعد الذي لم يتجاوز الـ 14 عام جثة هامدة على الأرض.
فقد تمكنت كاميرات موقع “العدسة” اختراق تلك الواقعة الأليمة والتواصل مع أهل المجني عليه، ومن بينهم شقيقته.
في يوم لم تشرق له شمس البراءة الموافق 29 يونيو، طلب محمد من شقيقته الكبرى وأمه طعامًا يشتهيه، فوافقتا بصدر رحب، وفي أحاديث متبادلة بينه وبين أخته استقرا على أنها ستذهب لعرس صديقتها وأنه سيلحق بها.
أخويا مرمي على الأرض
قالت شقيقة المجني عليه: “روحت عند صاحبتي مكملتش نص ساعة، تلت ساعه لقيت أختي الصغيرة جاية بتجري عليا وبتقولي الحقي يا شهد أخوكي مرمي في الأرض ومش بيرد علينا ولا بيتكلم”.
وأكملت الأخت لـ”العدسة” وعلى وجهها علامات من الذعر والأسى :”أول ما قالتلي كده انا انصدمت، مكنتش عارفه حتى اجري، بنزل ع العتبة بتاع بيت صاحبتي وقعت، جيت ع البيت ملقتش حد، بس لقيت ناس كتير ملمومة قدام الباب”.
وأضافت شهد : “وفضلت على اعصابي لحد ما جالنا الخبر إن محمد مات!، محستش بالدنيا.. انا طالبه القصاص وطالبة حق اخويا، زي ما قتل اخويا يتقتل، زي ما خنقه يتخنق، زي ما حرق قلبنا على اخونا اخواته كمان يتحرق قلبهم عليه”.
استمرت أجواء من النحيب والشهقات المتسارعة كما لو كانت الفتاة في سباق، واسطردت حديثها قائلة : “احنا ممعناش غيره، هو وبس محدش غيره بيدخل ويطلع علينا، هنجيبه منين تاني؟.. هو الي بيصرف علينا ومفيش حد احن منه علينا”.
بنطالب بالقصاص
وحيثما استدركت الأخت الموقف واستعادت رباطة جأشها أردفت قائلة : “قتل اخويا وعايزين يطلعوه بريء، انا عايزه القصاص”.
استحضرت شهد الأخت الكبرى ذكرى مع أخيها الفقيد الحنون، فقالت لنا : “محمد كان بيجي الخميس يصبح الجمعه يخرج ويرجع بالشنط، شنط الفاكهه والأكل، كان ييطمن عليا يقولي عايزه لبس؟ خدي كذا جيبي، اخلي امك تعملك جمعية تجهزك بيها؟، كان كل الي ف جيبه بيديهولنا مكنش بيبخل ع حد بحاجة”.