تحت اجواء غروب الشمس وخفوت سطوعها بهدوء في ذروة حرارتها في يوليو المنصهر ، كان الطريق مُزدحمًا بالسيارات ولكن في خضم هذه الضوضاء ، يخرج لنا فنان شاب شعره ولكن روحه مازالت مُفعمة بالحياة والفن ، وعلى أوتار يشوبها الحزن ومزيج خاص وفريد من النغمات، يعزف لنا العم عادل الذي يبلغ من العمر 65 عام مقطوعات فريدة .
هنا في محافظة بني سويف ، حيث لا يكثر الإهتمام بالفنانين والموسيقى، يخرج لنا العم عادل ، أحد قانطي عزبة بلبل، ليروي لنا أحداث مهنته ، ومتى أقتنى “الكامنجا” الخاصة به.
مهنته الأصلية :
كان العم عادل رجل كأي رجل، يكدح حتى يحصل على وظيفة حكومية ويأمل أن يكون له بيت واولاد وزوجة يستبشر بوجهها بعد يوم طويل، حيث عمل في اول حياته عاملاً في مديرية الطرق والنقل ببني سويف، ولكن انقلب حاله انقلابًا مذهلاً، حيث أصبح حاليًا عازف “كامنجا”، يسخر ما يشعر به في بضعة نغمات، ولكن لم يقتصر مشواره على ذلك بل عمل ايضًا بقصر الثقافة ببني سويف بصحبة عديد من الفنانين .
رأيه في الموسيقى والدين :
كان العم عادل معتنقًا للمسيحية، ولكن مد الإسلام يده له ليضم فردًا جديدًا، وعبدًا موحد لله ، حيث اسلم منذ عشرون عامًا فقط. وعلى غرار حبه الشديد للإسلام ، فلقد عزف على كافة ارصفة سيدنا الحسين بالقاهرة ، وامتزج بالأولياء والمسلمين، وقال : “الإسلام جميل ، والموسيقى جميلة وانا ربنا عطاني موهبة، عطاني ملكة وقدرة من عنده ، ف ازاي الملكة دي يقولوا انها حرام ؟ ربنا جميل ويحب كل شيء جميل “.
الكامنجا توفق رأسان في حلال الله وسنة نبيه:
وأثناء عزفه على احد ارصفة الحسين، قد نشأت بينه وبين فتاة تعيسة تلتحف بالأرصفة ذاتها صداقة قوية ، لتقص له حكايتها التي فطرت فؤادها ،وانفصالها عن خطيبها، وإذ بشاب من معجبي فن العم عادل، يُفتن بها ، لتنشأ قصة حب تنتهي بالزواج والكامنجا سيدتها .
بماذا يشعر أثناء صُنعه للموسيقى؟
كان العم عادل شغوفًا بمهنته الى الحد الذي جعله يجازف بكل شيء فقط ليعزف .
“بحس وانا بعزف إني بقدم للناس كل حاجه حلوه، والناس بتحب الحاجات الحلوة”
وأخذ يدندن مع ألحانه في فتون وعشق : ” حلوين من يومنا والله وقلوبنا كويسة “
ذكرياته مع أولاده وطليقته:
كان فناننا المرهف أبًا لشاب وفتاه، فأخذ يعزف شيئًا يهديه لنجلته وفي عينية نظرات واسعة من الشوق واللهفة، ويدندن معها بكل براءة :” يخواتي بحبها ،دي حبيبة أمها”
ثم استحضر العم عادل ذكرياته مع طليقته في حزن وشجون ليعزف مقطوعة لكوكبة الشرق ام كلثوم ويدندن معها في خفوت: ” حب ايه ايه ايه ، حب ايه الي انت جاي تقول عليه ؟ أنت عارف قبلاً معنى الحب ايه ؟ “