فى أيام التشريق من اليوم الحادى عشر إلى الثالث عشر، يبقى الحجاج بمنى حتى زوال الشمس عن وسط السماء ظهرا، حيث يتوجه الحجاج لرمى الجمرات و يسيرون وفقا للترتيب فى تنظيم الحج و يرمى كل جمرة بسبع حصيات، و قد وضحت الإفتاء أنه يراعى الترتيب بين الجمرات في وقت الرمى، فيبدأ بالجمرة الأولى، ثم الجمرة الوسطى ثم جمرة العقبة الصغرى، فيكون مجموع ما يرمى فى اليوم الواحد 21 حصاة .
كيفية رمى الجمرات
و يبيت الحاج فى منى حتى زوال الشمس فى اليوم الثانى من أيام التشريق، ثم يذهب لرمى الجمرات أيضا، و إن تعجل و اكتفى بيومين نزل مكة بعد يومين فقط و لا يبقى إلى اليوم الثالث، و لكن إن لم يتعجل يظل فى منى الليلة الثالثة حتى زوال الشمس ثم يذهب لرمى الجمرات، و بعدها ينزل مكة لطواف الوداع و بهذا يكون قد أدى نسكه، و الحج المتعجل جائز شرعا، و قد اختلف الفقهاء فى حكم التعجل لمن غربت عليه الشمس و لم يغادر منى فى قولين : الأول، يلزمه المبيت و رمى الجمرات من الغد لمذهب المالكية و الحنابلة و بعض الشافعية، و الثانى، لا يلزمه المبيت و لا الرمى إلى الغد لمذهب الحنفية و الشافعية، و حذرت الإفتاء من نقص عدد الحصيات في الرمى، مع جواز حصاة او اثنين فى الرمية الواحدة سهوا و هنا رميه صحيح، لكن النقض على أكثر من ذلك، حيث يدخل في باب التعمد الذى يوجب الخلل و الجبر .
الحكمة من رمى الجمرات
و قد أوضحت دار الإفتاء أن رمى الجمرات من واجبات الحج، و يرى كثير من العلماء كالشافعية و الحنبلة و غيرهم جواز الرمى بعد نصف ليلة النحر للقادر و العاجز على السواء، كذلك رمى الجمرات هو سنة عن النبى صلى الله عليه وسلم، و سبق أن رمى الجمرات فى حجة الوداع، و الرمى إذلال للشيطان و إهانة له و إظهار مخالفته، حيث ورد عن الإمام أحمد في مسنده، بسنده عن أبى الطفيل، قال: قلت لابن عباس : يزعم قومك أن الرسول رمل بالبيت، و أن ذلك سنة، فقال : صدقوا و كذبوا .. و يزعم قومك أن الرسول سعى بين الصفا والمروة، و أن ذلك سنة؟ فقال : صدقوا، إن إبراهيم لما أمر بالمناسك، عرض له الشيطان عند المسعى فسابقه، فسبقه إبراهيم، ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة، فعرض له شيطان، قال يونس : الشيطان – فرماه بسبع حصيات، حتى ذهب، ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فيها بسبع حصيات، فقال : ثم ذهب به جبريل إلى جمرة القصوى، فعرض له الشيطان، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب .
شكل الحصوات و الجمرات
و وفقا لدار الافتاء، تكون الحصاة بقدر حبة الفول أو النواة، و الجمرات الثلاث فى منى، هى عبارة عن أعمدة حجرية بيضاوية الشكل وسط أحواض ثلاثة، تشكل علامات للأماكن التى ظهر بها الشيطان و رماه سيدنا إبراهيم عليه السلام، و قد بنيت الأحواض التى حول الأعمدة قبل إنشاء جسر الجمرات بعد سنة 1292 هجريا، لتخفيف الزحام و لجمع الحصى فى مكان واحد، و بعد إزالة الجبيل الصغير الذى كان ملتصقا بحوض جمرة العقبة، وسع الشارع و بقى الحوض على شكل نصف دائرة و مع تزايد الحجاج انشىء جسر الجمرات السابق بعد عام 1383 هجريا .
أين تذهب الجمرات بعد رميها
ما يزيد عن ألف طن من الجمرات يرميها الحجاج سنويا، و بعد أن تلقى هذة الجمرات تهبط إلى القاع ثم تتحرك على مسار لتجميعها و فحصها، و فى القاع تدفع أنظمة آلية الحصى بعد تجميعه فى أحواض الجمرات الثلاثة، و يحتوى كل حوض على نظامين لرفع كل ما يلقى فى قاع الجسر أبواب يجرى التحكم فى فتحها و غلقها و تحديد مسار الحصى و كميته، و يتميز النظام الآلى بحساسات لفرز ما يلقيه الحجاج من غير الحصى و عزله، ثم يوضع الحصى فى عربات كبيرة و يلقى فى الجبال بوصفه نفايات فى أماكن معتمدة من وزارة الحج والعمرة، و تعد منشأة الجمرات من أبرز المشروعات فى منى، حيث بلغت تكلفتها أكثر من 4 مليارات ريال و طاقتها الاستيعابية 300 ألف حاج فى الساعة، و صممت أساسات المنشأة على أن تكون حاملة ل 12 طابقا و 5 ملايين حاج فى المستقبل، إذ دعت الحاجة إلى ذلك .
حكم رمى الجمرات للغير
و يجوز شرعا رمى الجمرات عن الغير و توكيل شخص آخر فى الرمى للضعفاء و المرضى و النساء، لأنه تجوز الإنابة فى الحج نفسه، لذا الإنابة فى الرمى جائزة من باب أولى و رمى الجمرات رخصة لأهل الأعذار و ممن توجد فيه علة، و أيضا يشمل هذا من خاف على نفسه و ماله أو من يتعاهد مريضا أو ما ينبغى تهيئته للحجيج، كما يجوز رمى جمرة العقبة الكبرى لأخر نهار يوم النحر و لا يجوز الرمى بالحجارة الكبيرة أو العصى أو الزجاج، كما يفعل البعض .