كتب/ السيد نصر الدين
كشف تقرير حديث استمرار القطاع الخاص غير النفطي في مصر بالانكماش، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للشهر الـ 23 على التوالي، ولكن بوتيرة أبطأ من الانكماش الحاصل خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وفقاً لمؤشر مديري المشتريات الصادر عن مؤسسة “ستاندرد أند بورز غلوبال”.
وسجل المؤشر مستوى 47.7 نقطة خلال الشهر الماضي، بارتفاع قدره 0.1 في المئة فقط عن قراءة سبتمبر الماضي، لكنها تعدّ أعلى قراءة منذ فبراير (شباط) الماضي، وبذلك يكون المؤشر قد تراجع للشهر الثالث والعشرين على التوالي، ليظل دون مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش.
ويواجه قطاع الأعمال في مصر سلسلة من الأزمات، منها خارجية تتعلق بالتوترات الجيوسياسية بخاصة الحرب الروسية في أوكرانيا وتداعياتها على سلاسل الإمداد والتوريد، إضافة إلى الارتفاعات المتتالية في أسعار السلع والغذاء عالمياً، وأيضاً استمرار ارتفاع أسعار الطاقة بنسب قياسية، ما يزيد من حجم الضغوط على الموازنات الحكومية.
وفي ما يتعلق بالأزمات الداخلية، تواجه الحكومة المصرية أزمة كبيرة في توفير الدولار إضافة إلى استمرار معدلات التضخم في الارتفاع بعدما لامست أعلى مستوى في أكثر من أربع سنوات. وفي إطار سد الفجوات التمويلية، بدأت الحكومة المصرية مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج الإصلاحي الذي أعلنته عن المرحلة الأولى منه في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2013.
وفي يوم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بشأن حزمة تمويلية بقيمة تسعة مليارات دولار، أعلن البنك المركزي المصري ثاني خفض للجنيه المصري مقابل الدولار، لتفقد العملة المصرية أكثر من قيمتها مقابل نظيرتها الأميركية منذ بداية العام الحالي. كما تقرر رفع أسعار الفائدة بنسبة اثنين في المئة في إطار جهود ترويض موجة التضخم التي تشهدها البلاد مع ارتفاعات قياسية في أسعار السلع والخدمات.
وأشارت الأدلة المنقولة إلى أن القيود المستمرة على الواردات زادت من الاضطراب الاقتصادي في أكتوبر الماضي، حيث أدى تعليق عمليات الاستيراد، الذي تمّ في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا، إلى الحد من خسائر احتياطيات العملات الأجنبية، إلا أن عدداً من الشركات واجه صعوبة، مرة أخرى، في الحصول على مستلزمات الإنتاج المطلوبة. وأدى هذا النقص إلى انخفاض الإنتاج وتقلص ملحوظ آخر في نشاط الشراء، وإن كان بدرجة أقل مما كان عليه في سبتمبر الماضي. وأشارت الشركات إلى أن ارتفاع أسعار المواد الخام وقلة الطلبات الجديدة أثّر في نشاط الشراء.
في المقابل، كان ارتفاع أسعار المشتريات بشكل عام مرتبطاً بنقص توافر المواد الخام واستمرار التدهور في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأميركي، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج. وفي حين زادت أسعار الإنتاج، إلا أن ذلك تمّ بمعدل أقل بكثير مما شهدته تكاليف مستلزمات الإنتاج، وأشارت خمسة في المئة فقط من الشركات إلى ارتفاعها، ويعني تراجع الزيادة أن انخفاض الطلب قد عطّل جزئياً الجهود المبذولة للحفاظ على اتساق أسعار المبيعات مع النفقات.
على صعيد آخر، أشارت بيانات الدراسة إلى تحسن مواعيد تسليم الموردين للمرة الأولى في مدة عام، في إشارة إلى أن الظروف تشهد استقراراً في أعقاب تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا. وساعد التحسن في حدوث زيادة جديدة في مخزون المشتريات، على رغم أن هذا كان مرتبطاً جزئياً بانخفاض متطلبات الإنتاج. وأوضح التقرير أنه مع وصول توقعات الإنتاج إلى مستوى قياسي منخفض، فقد خفضت الشركات غير المنتجة للنفط أعداد موظفيها للمرة الأولى منذ يونيو الماضي، وإن كان ذلك بشكل هامشي فقط، إذ أشار بعض الشركات إلى تسريح العمال بسبب تدهور إجمالي المبيعات.