بالنسبة للكثيرين، يُعتبر الكافيين أمرًا ضروريًا ولا غنى عنه في يومهم. فهو يوفر لنا الطاقة اللازمة في الصباح لبدء يومنا، أو الانتعاش في منتصف بعد الظهر خلال يوم عمل طويل.
وعادةً ما نعتقد أن الكافيين يساعد على تحسين التركيز واليقظة. ولكن ماذا لو كان الكافيين ليس الإكسير المعزز للدماغ الذي نعتقد أنه عليه؟ألقت الأبحاث الحديثة المنشورة في مجلة Scientific Reports الضوء على العلاقة بين الكافيين والأداء المعرفي، وعلى عكس التوقعات الشائعة، تشير الدراسة إلى أن تناول الكافيين يوميًا قد يعيق الذاكرة العاملة لدينا بدلاً من تعزيزها.سابقًا، أشارت الأبحاث إلى أن الكافيين يمكن أن يكون له آثار إيجابية على الإدراك، مثل تحسين الانتباه واليقظة.
ومع ذلك، تركزت هذه الدراسات في كثير من الأحيان على تناول الكافيين بشكل حاد، ولم تنظر في العواقب طويلة المدى للاستهلاك اليومي. وتهدف هذه الدراسة الجديدة إلى سد هذه الفجوة في فهمنا من خلال دراسة آثار الاستخدام المستمر للكافيين على الأداء المعرفي.
قال يو شيوان لين، مؤلف الدراسة وباحث ما بعد الدكتوراه في كلية الطب بجامعة هارفارد: “الكافيين هو المادة النفسية الأكثر استخدامًا لمكافحة النعاس وتحسين اليقظة. كنا فضوليين لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا توسيع هذا التأثير ليشمل أداء الذاكرة العاملة، وهي وظيفة مهمة تدعم العديد من المهام اليومية”.
علاوة على ذلك، على الرغم من أن العديد من الأشخاص يستخدمون الكافيين يوميًا، إلا أن الدراسات العلمية تركزت بشكل كبير على التأثيرات الحادة للكافيين، أي التأثيرات التي تحدث بعد فترة من الامتناع عن تناول الكافيين. لذلك، يهدف الباحثون في هذه الدراسة إلى التركيز على آثار تناول الكافيين يوميًا والتوقف المفاجئ عنه على وظيفة الذاكرة العاملة وارتباطاتها العصبية.
أجروا الباحثون دراسة مزدوجة التعمية، عشوائية، حيث تم التحكم في العلاج الوهمي في مركز علم الأحياء الزمني في عيادات الطب النفسي بجامعة بازل في سويسرا لاستكشاف آثار تناول الكافيين يوميًا على نشاط الدماغ المرتبط بالذاكرة العاملة والأداء السلوكي.شملت الدراسة عشرين متطوعًا من الذكور الأصحاء، وتم اختيارهم خصيصًا لتقليل التباين في استقلاب الكافيين بسبب التقلبات الهرمونية لدى الإناث.
وجد الباحثون أيضًا أدلة على أن تناول جرعة معتدلة من الكافيين يوميًا قد يضر بالذاكرة العاملة. أظهر المشاركون في حالة تناول الكافيين وحالة الانسحاب معدلات أخطاء أعلى وأوقات رد فعل أطول خلال المهمة ثلاثية الظهر، مما يشير إلى أن تناول الكافيين اليومي لم يعزز هذا الجانب من الذاكرة.
وقال لين: “بشكل غير متوقع، لاحظنا انخفاض النشاط المعتمد على الأكسجين في الدم في الحصين الأيمن طوال مهمة الذاكرة العاملة. وفي تقريرنا السابق من نفس الدراسة، لاحظنا أيضًا انخفاضًا في بنية المادة الرمادية في هذه المنطقة بعد تناول الكافيين يوميًا، مما أدى إلى انخفاض النشاط”.